responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 247
[سورة البقرة (2) : آية 275]
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275)
قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا، الربا: أصله في اللغة: الزّيادة، ومنه الرّبوة والرّابية، وأربى فلان على فلان: زاد. وهذا الوعيد يشمل الأكل، والعامل به، وإنما خصّ الأكل بالذكْر، لأنه معظم المقصود.

وقد صحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنه: «لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه» .
قوله تعالى: لا يَقُومُونَ، قال ابن قتيبة أي: يوم البعث من القبور. والمس: الجنون، يقال:
رجل ممسوس. فالناس إذا خرجوا من قبورهم أسرعوا كما قال تعالى: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً [1] .
إلا أكله الربا، فانهم يقومون ويسقطون، لأن الله أربى الربا في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم، فلا يقدرون على الإسراع. وقال سعيد بن جبير: تلك علامة آكل الربا إذا استحله يوم القيامة. قوله تعالى:
ذلِكَ، أي: هذا الذي ذكر من عقابهم بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا، وقيل: إن ثقيف كانوا أكثر العرب ربا، فلما نهوا عنه قالوا: إنّما هو مثل البيع.
قوله تعالى: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ، قال الزجّاج: كلّ تأنيث ليس بحقيقيّ، فتذكيره جائز، ألا ترى أن الوعظ والموعظة معبّران عن معنى واحد؟ قوله تعالى: فَلَهُ ما سَلَفَ، أي: ما أكل من الرّبا. وفي قوله تعالى: وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ، قولان: أحدهما: أن «الهاء» ترجع إلى المربي، فتقديره:
إن شاء عصمه منه، وإن شاء لم يفعل، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل. والثاني: أنها ترجع إلى الرّبا، فمعناه: يعفو الله عمّا شاء منه، ويعاقب على ما شاء منه، قاله أبو سليمان الدّمشقيّ. قوله تعالى:
وَمَنْ عادَ، قال ابن جبير: من عاد إلى الرّبا مستحلّا محتجّا بقوله تعالى: إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا
[سورة البقرة (2) : الآيات 276 الى 277]
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)
(147) صحيح. أخرجه مسلم 1598 وأحمد 3/ 304 والبيهقي 5/ 275 وأبو يعلى 1849 من طرق عن جابر قال:
«لعن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه» وقال: «هم سواء» .
- ويشهد له ما أخرجه أحمد [1]/ 409 و 430 و 464 و 465، والنسائي 8/ 147 وابن حبان 3252 وأبو يعلى 5241 وعبد الرزاق 15350 وابن خزيمة 2250 والحاكم [1]/ 387- 388 وعنه البيهقي 9/ 19 من طرق عن عبد الله بن مسعود قال: «آكل الرّبا وموكله وكاتبه وشاهداه إذا علموا به والواشمة والمستوشمة للحسن، ولاوي الصدقة والمرتد أعرابيا بعد هجرته ملعونون على لسان محمد صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة» .

[1] المعارج: 43.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست